top of page

رسائل مهمشة 3

ahmedobenomran

الى بن غزي..

اكتب مرة و لا اعرف لما اكتب، لم يكن لدي اي سبب يجعلني اكتب حينما بدأت، و لكني بدأت و أمل ان يكون لي ما اكتب بعد ان انتهي من المقدمة ، و لأنني لا املك شيئاً فسأتظاهر بأنك دائماً ما تسألني عن سبب رحيلي و انني لا اجيب، و اليوم قد قررت ان اجيب.

انني و ببساطة يا سيدي الفاضل قد رحلت لأنني قد مللت كل شيء، مللت ان اقف في طوابير المودعين، لقد ودعت الكثير حتى مللت تفاصيل الوداع،مللت رؤية الطيور المهاجرة تحلق في اسراب و انا اقف في مكان، قد كثر المُوَدَّعُون و اختلفت وجهاتهم ،لكن احساس الالم كان دوماً واحد، لهذا قررت ان ارحل، قررت ان اجرب ان يودعني احدهم و لمرة واحدة في حياتي قبل ان أودع الوداع الاخر، و لم يكن طعم الوداع شديد المرورة هذه المرة، بل كان يمتزج ببعض الحلاوة.

لقد مللت ان ارى نفسي محطماً لا قيمة لي هناك، ككسرة خبزٍ سقطت من احدهم فرُمِيَت على قارعة الطريق تلفحها الشمس حتى تيبست فأنفت الطيور ان تأكل منها و ظلت على حالها حتى تعفنت، و لم ارد لنفسي ان اتعفن مثلها، قد عشت عمراً مديداً في دور الممثل الثانوي الذي يضيف للعمل لمسته و لكن كل الثناء يذهب للبطل، كنت كحسن حسني و خشيت ان اموت مثله، فرحلت لعلي أظهر للعالم أحمد حلمي الذي بداخلي، لعلي استمع لبعض التصفيق القادم من كراسي المسرح، و اعتقد اني فعلت ،اما المصفقين فلم يكونوا مألوفين.

رحلت لأني مللت سماع شوارع المدينة تهينني في كل خطوة تخطوها، رحلت لأني كنت ارى في ارجاء جامعتي و منزلنا صورا للمعارك التي خسرتها قبلاً، رحلت لأنني مللت من اعطاء توجيهات لأخرين ينطلقون الى معاركهم فينتصرون بتعليماتي ، و انا واقفٌ في مكاني انتظر قدوم عدوِي الذي لم يأت ، اذكر بأنني ذات مرة اعطيت لجيش العدو موقع جيش اخر فانطلق للقياه و انا وقفت انظر لجيشٍ اخر يخوض معركتي بدلاً عني، ما اقسى هذه المعارك!! لم يتغير الامر كثيرا هنا بل ازداد سوءً ،فقد هيأت كامل عدتي و عتادي مرتين ، و كالعادة كنت الجيش الوحيد في الساحة، و لهذا قررت رمي بذلتي و ترك سلاحي و الانصراف الى اشياء اخرى فالحرب ليست لي، و اتذكر الان سعاد حسني تغني بصوتٍ عذب (ما انتش قد الحرب يا قلبي) .

اعتقد بأني قد وجدت ما اكتب و ربما سأرسله لك في فرصة أخرى

0 views0 comments

Recent Posts

See All

31

Comments


bottom of page