top of page

على سور القلعة

  • ahmedobenomran
  • Aug 16, 2019
  • 3 min read

إذن قد انتهى العيد، لم أشعر بمروره أبداً، لم اشعر بأنه قد جاء اصلا، و ليس للأمر علاقة بكوني بعيد عن عائلتي او ما شابه، فهذه ليست المرة الأولى، وجدت نفسي أتجول في ارجاء المدينة ماشيا بعد ان أصابني الضجر حتى جلست على سور قلعةٍ عالٍ يقال بأن اخانا دافينشي هو من صممه، عن يميني و عن يساري عشاقٌ جاؤوا إلى هنا بحثاً عن بعض الخصوصية، كانت طيور الحب تحوم فوقهم، و كلامهم يبدو للسامعين كموسيقى تخرج من بين الشفاه، نظراتهم لبعضهم كانت تروي كل شيء، ترى هل تصور من بنى هذا السور ليحمي المدينة بأن الحراس و العساكر سيذهبون و يأتي من بعدهم هؤلاء العشاق؟ اخترت لنفسي مكاناً بعيداً عنهم حتى لا أزعجهم بوجودي و لا يزعجوني هم بحبهم هذا، بدأ مطربٌ خليجيٌ مغمور أظن ان اسمه عبادي الجوهر في ضرب أوتار عوده مغنيا قالو ترى، جلست مقابلا لميناء المدينة و من خلفه كان البحر حالك الظلام كأنه امتدادٌ للسماء من فوقه، أما انا فقد أطلقت بصري إلى ما خلف البحر، انه لمن الساخر فعلا ان أكون محاطاً بكثيرٍ من البشر و لا ابحث عن أحدٍ سواك، ثلاث سنواتٍ مضت منذ اخر مرة رأيتك فيها، كنتِ يومها مثلما كنتِ دوماً، شديدة المظهر ، بل قاسية، لكن بين ثنايا هذه الشدة و القساواة وُجِدَت كل لطافة هذه الدنيا، رغم ما تحاولين إظهاره من قسوة لكنك كنتِ دوما ذات قلبٍ حنون حنية قلوب الأمهات، او ربما قلوب القطط، فالقطط إذا ما جاعت تأكل ابنائها أحياناً، اعتقد انني لم اشعر بالعيد هذا العام بسببك، رغم كل الحب الذي أحمله بداخلي لك لكنك كنت مؤخرا سبب شقائق و معاناتي يا عزيزتي، و اسمحي لي بأن أناديك بعزيزتي، مازلت اسأل نفسي في كل يومٍ عن الذنب الذي اقترفته حتى تعامليني هكذا، فليشهد الكون اجمع بأن الحب الذي أحببته لك لم احمله لأحدٍ من قبل و لن احمله لأحدٍ من بعدك، و لماذا يشهد الكون؟ فلتشهدي انتِ، فأنتِ كوني، لن اعاتبك فأنا لا اجيد فن المعاتبة، بل سأعاتب نفسي، فأنا يا صغيرتي اسأل نفسي كل يومٍ عن الذي ينقصني حتى أنال الرضا منك، ان معرفة طريقة استمالة قلبك لي بات جزءً من يومي، على هذا السؤال أصحو و انام، افكر فيه في أوقاتي فراغي، لا بل صرت افكر فيه بين الشهيق و الزفير، و كل هذا التفكير كان عبثاً، بحثت طويلا و فكرت كثيرا دون ان اجد اجابة لهذا السؤال، هل توقفت؟ لا، تملكني هذا السؤال حتى صرت مجنونا يجلس قبالة البحر الفاصل بيني و بينك، هل اقف و أقول لك بعلو الصوت بأني اشتقت لرؤيتك لعل الرياح تحمل صوتي و تعبر به البحر فيصل إلى مسامعك؟ اتراك تجلسين على الضفة الأخرى من البحر تشتاقين لي كما اشتاق لك ؟ اتراك تفكرين بي من الأساس أم انك كعادتك تجلسين كملكة على عرشها ترمي كل اهتمامي جانبا ؟

مالذي دهاني؟ متى كانت الملكة تنظر إلى غير الملوك؟ و لما تتركين كل الأمراء الواقفين أمامك و تنظرين إلى احدب القصر؟ انا يا آنستي لا ذنب لي سوى انني أحببتك، رغم كل القساواة التي رأيتها منك، أحببتك، ككثيرين غيري، لا ذنب لي سوى انني ركبت البحر دون أن يكون لي مركب.

هنا كان ذاك المطرب الخليجي الشاب قد قال ” قدني غرقت في بحرها و لا عاد يفيد العوم” هنا ادركت بأنني قد غرقت مثله و لن ينفعني العوم، فحملت حقيبتي و رحلت خائب الأمل بعد ان فشلت في رؤيتك من وراء البحر، أوقفني نسيمٌ قادمٌ من البحر يحمل شيئا من ريحك، التفت فورا معتقدا بأنني سأراك، لكنني لم اجد شيئاً فأيقنت بأنك لم تعودي خلف البحر فقط، بل صرت أحملك بقلبي.

Recent Posts

See All
من مرسين 10 إلى بنغازي

المكان :جامعة شرق البحر المتوسط فماغوستا، او كما اعتدنا نحن تسميتها ماغوسا أسوة بمواطنيها لشعورنا اننا صرنا منهم. الزمان : الساعة الثالثة...

 
 
 

Comments


bottom of page