أدرك الآن بأنني كنت احمقا عندما ظننت بأن ما روتين الايام هناك ببنغازي كان مللاً، كلا.. فالملل صناعة قبرصية فاخرة، هنا تشابهت الايام و لا مقهى الجأ اليه فالمرحلة الحالية تتطلب التقشف، انهيت تقريبا كل شيء يمكن فعله، سرت في شوارع المدينة حتى حفظت طرقها كلها و اسماء شوارعها ايضا، اذا مالعمل الان؟.
لا تلفاز
لا شيء جديد اشاهده على الانترنت بعد ان استنفذت كل شيء،
اذا مالعمل؟
لم يشأ هاتفي ان يتركني في تفكيري هذا طويلا فقرر الرنين في تلك اللحظة، اما المتصل فهو او هي لا ادري، المهم انها كانت تلك القبرصية و التي لسبب ما لا تمل السؤال عن ليبيا، لم ارد ان اجيبها في البداية لكنني تذكرت انها كانت في لندن مؤخراً و قلت لنفسي لعلها جلبت لي شيئاً من هناك، رددت فجاء صوتها من الطرف الاخر “اهمد”
لا ادري متى يفهم هؤلاء ان الفرق بين الهاء و الحاء كالفرق بين البي و الپي، هذا ان كان هنالك فرق اساسا، بعد ان سألت عن الصحة و الاجازة، قالت : I want to meet you”
قلت لها ميت ميت هي ما قايلة لأمها ما قايلة لأمها لكن اين؟ اجابت بسرعة في ذات البار الذي نلتقي به دوما.
اقفلت الخط و قمت ارتدي ثيابي و خرجت، وخلال عشرة دقائق كنت امام الخمارة، دخلت سلمت عليها و جلست طلبت من الساقي ان يأتي لي بكأس جعة لأنها الارخص، لكنها رفضت و قالت للرجل ان يحضر لي كأس ليبل احمر،
“يا الهي اني لا املك ثمن ربع هذا الكأس” و كانها سمعت افكاري فقالت لا تقلق انها علي، فقمت رافضاً طبعاً قائلا بأنه يستحيل ان تدفع عني امرأة،
بعد محاولات و لأن لسان النسوان بإمكانه ان يقلب الاشياء، و لأن الكيف يذل وافقت، احضر الساقي ذاك الكأس الذي جعلته الاضاءة الخافتة يبدو ككأس شاهي احمر، لكنه ابدا لم يكن كذلك، و لا ادري اذا ما كانت تلك الفتاة دوما فاتنة ام انها قامت بعمليات سمكرة و زواق في لندن، ام تراها الاضاءة ام ان مفعول الخمر قد بدأ بالعمل، في تلك اللحظة حركت شفاهها التي كنت انظر اليها و قالت :لماذا رفضت ان ادفع عنك قبل قليلا”
لم اكن انا من بدء بالجواب لأنني لم اكن هناك لكن اذكر ان ذاك الشخص قال :”لان هذا ليس من عاداتنا او اعرافنا”
فقالت و هي تمسك بيدي و تسحبني من مقعدي الى وسط البار لترقص:” قل لي بالمناسبة، هل انتم شعب محافظ ام ليبرالي؟ ”
“ليبرالي؟ اياك ابدا ان تقولي هذه الكلمة عن شعبنا، نحن شعب محافظ جدا، ”
لا ادري لماذا سكت فجأة لكني اذكر بأن حركة غريبة منها هي ما اسكتتني، ثم عادت لتقول:”هل انت متأكد من هذا؟ ”
قلت لها و انا اقوم بحركات غريبة من المفترض انها رقص “بالطبع، فأكثر مكان ستلتقين بليبيين فيه بالخارج هو المسجد، اضافة الى الخمارات ، شباب بلادي متمسك جدا بأعرافه و لا يحبون الحرام و لا يفعلونه داخل البلاد او خارجها… الا اذا دفعوا ثمن ذلك، اذهبي و اسألي اي ساقٍ او عاهرة هنا عن سمعة شبابنا العطرة، سيخبرونك انه لو يذوقون كأس او قبلة الا بعد ان يدفعوا ثمنها، هل تعلمين انك اذا خرجتي بلبسك هذا في شوارع ليبيا سينتهي الامر بك مغتصبة؟ نعم، فهذا اللبس لا يليق بنا ولا بعاداتنا، قبل سنوات انتشر خبر عن ان مجموعة شباب من عندنا قاموا برمي فتاة ليل من شرفة شقتهم بعد ان انتهوا منها، الكل ظلمهم و لكني اكاد اكون جازما انها المخطأة فهي التي خرجت معهم منذ البداية، و اكاد اجزم ايضا انهم رموها لأنها ربربت عليهم، فنحن يا حلوة شعب لا يحتمل ان يسمع سب الجلالة، بل و نلعن دين كل ما من يفعل ذلك، نحن شعب ملتزم محافظ على دينه في كل المناسبات، نصوم في رمضان و نضحي في العيد و نصلي فترة الامتحانات، ” تغير ايقاع الموسيقى فجأة و جاء صوت موسيقى اغنية تمايل معي من الخلف، عندها اقتربت هي مني امسكت يدا و وضعت يدي على خصرها بنفسها و لأنني لا املك تجربة بالرقص ولا عندي مركب قادت هي الرقصة و جعلت اقلد حركاتها ، عندما قال المغني : (عندما يبدأ ايقاع قوس القزح باللعب) قالت هي :” ماذا عن النساء في بلادكم ؟ ”
نظرت في عينيها و قلت :” النساء، جيدات فيهن الجميلات و فيهن ما غير ذلك “.
ضحكت كأنها لم تضحك منذ سنين و قالت:”اقصد انك تحدثت عن الشباب ولم تذكر شيء عنهن”
اجبتها و انا اشعر بالبلاهة :” ايييه ماذا اقول و اقول، او هل تعلمين دعيني لا اقول شيئاً حتى لا يعتبر هذا قذف محصنات، لكن يجب ان تعرفي ثلاثة اشياء ثابتة عن شعبنا، عندما يعود اي شاب من السفر فإن اول ما يُسأل عنه هو هل زار بارا او بيت دعارة؟، ثانيا نحن دائما نبلغ ستة ملايين نسمة و اخيراً سنبقى نقول بأننا شعب محافظ حتى اذا صرنا كلاس فيغاس”
و كأنها لم تستمع لما كنت اقول و قالت :”اهمد انا اهبك”
اجبتها بنبرة مختلفة :”مالذي تقولينه؟ ،هل تتوقعين انني سأحب او افكر بفتاة سكرت معها و.. و رقصت معها؟ بالطبع كلا انتي لستي مناسبة لي لأنك في قمة الانحلال ”
و عندما قالت بأنني اهذي لأنني سكران، صرخت قائلا :لا تقولي سكران ، انا لست بسكران انا ابن ناس”
Comments