قد مرت اشهرٌ على لقائنا الاخير، ذاك الذي كان بالصيف و كنت فيه على عجلٍ فلم يطل حديثنا ليُشبع اشتياقي، و لكم اشتاق لك..
قد زرتني البارحة في منامي كنت انا في بيتنا أُعِد كوباً من القهوة عندما تسللت خلسة تحاول الذهاب من المطبخ الى بيتك الصغير قبل ان اوقفك، و بعد ان سألتني عن موعد مجيئي و عودتي من و الى بلاد الفرنجة، و بعد ان سألتك عن حالك انت و احوالك جلسنا في الحديقة لنعيد ذكريات احاديث طالت بيننا، احسست بأنك لست على ما يرام فسألتك مالامر، و كفتاة اجبتني بأنه لا يوجد شيء، اعدت السؤال مرة و اثنتين و ثلاث فأنا بالرغم انني لا افقه شيئاً في فن التعامل مع الاناث الا انني اتقن التعامل مع الصراصير، و بعد الحاحٍ مني اجبت و نطقت فقلت :
” الامر يا صديقي الانسان بأنني البارحة بينما كنت ساهراً في احدى مواسير شارع دبي سمعت مجموعة من بني جنسك يتحدثون عن ما وصفوه بالجريمة البشعة، تحدثوا عن مجموعة كلابٍ تم تصفيتها، و قد كان جل حديثهم و كلامهم يستنكر هذه الواقعة و يدينها ”
فقلت لك :
” و مالمزعج في ذلك؟ نعم لا يجب ان تعامل الكلاب هكذا حتى و ان كانت مريضة، الا تعرف ان للكلاب ارواح ؟”
-“ههه ارواح، سأقبل هذا الكلام ان كان من شخص نباتي، لكن العجيب ان من يقتل الخرفان و الابقار و الدواجن ليأكلها يتحدث الان عن الارواح، من يصطاد الطيور و يحبسها في اقفاص يتحدث الان عالرفق، دعك من كل هؤلاء، نحن ايضا لدينا ارواح و لكن مع ذلك مازلتم تقتلوننا بطرق وحشية سواء كانت بالسحن تحت الاحذية او بالمواد الكيميائية، اين نحن من عطفكم ام اننا خارجه لأن لوننا بني؟ ان العنصرية لمتوغلة في تفكيركم. ”
فأجبتك :
“اهدأ يا صديقي و دعك من حديث العنصرية هذا ، كل ما في الامر ان قتل الكلاب بهذه الطريقة لا يجوز” -” و ماذا اردتهم ان يفعلوا بها ؟”
ابتسمت حينها و انا اقول لك بنبرة صوتٍ هادئة :
” في الدول المتحضرة تؤخذ هذه الكلاب الضالة الى ملجأ لتعيش فيه و…. ”
-” ملجأ؟! عاقلٌ انت؟ اي ملجأ هذا، و هل عندكم ملاجئ هنا، البشر هنا لا يجدون مكاناً ليسكنوا فيه، نحن الصراصير لما نعد نجد مكاناً في المواسير بعد تلف جزء كبير من مواسيرنا، يا صديقي مشكلتكم انتم كشعب انكم تريدون ان تعيشوا عيشة المواطن السوسرية لكنكم تنسون دائماً بأن هذا المواطن يدعى ميشيل و مواطنكم يدعى مراجع، تريدون عيشة لا تتناسب مع امكانياتكم ، كمن يريد ان يشتري فيراري و هو بالكاد يملك ثمن داوو سيلو، اعلم انك ستتحدث عن التغيير و كل هذا الكلام المقتبس من برامج احمد الشقيري، ولكن التغيير يا صديقي يبدا من الاسفل، اذا اردت ان تشتري الفيراري اعمل بجد حتى تصل الى ثمنها، عدا ذلك فأنتم مجموعة من العابثين انظر لنفسك مثلاً، بلادك غارقة في دم ابنائها و ينام فيها العديد دون مأوى و انت تتحدث عن كلابٍ و ملجأ لها، في الدول التي تتحدث عنها رفعوا قيمة المواطن ثم اهتموا بغيره من المخلوقات، اما فالعكس لم تهتموا الا بموت الكلاب، اعتقد بأنه يجب ان تغيروا مثلكم القائل كلب وطاحت عليه حيطة الا بني ادم و طاحت عليه حيطة .”
حاولت ان اهدأ من غضبك قليلاً فقلت لك :” يا صديقي في البلاد ما هو اولى من الكلاب المسعورة ليهتموا به ”
لكنك قلت :” فعلاً هناك ما هو اولى و لكن مثلما لم يهتم شعبك بما هو اولى فلا تتوقع من مَن في الحكومة ان يهتموا بما هو اولى، فكلا الطرفين ليبي و لكلاهما نفس العقلية و التفكير في الاهتمام بما هو سطحي فقط، و الدليل ان احداً من المعترضين على هذا الفعل لم يعطي اي حلٍ بديل ، انتم شعب يعترض فقط دون ان يطرح شيئاً اخر ”
و هززت قرون استشعار و ذهبت دون حتى تقول وداعاً، حينها استيقظت من النوم و بداخلي امل لأن القاك ثانية.
Comments