
اشرقت الشمس و لم تتمكن الستارة على نافذتي ممن منع أشعتها من الدخول إلى غرفتي فأجبترني على الإستيقاظ , جلست في فراشي أنظر للغرفة محاولاً استيعاب المكان و الزمان , أتذكر بأني حلمت بشيء في الأمس , ماهو ؟! , لم أستطع التذكر , سيجارة لعلها تذكرني بما حلمت , بعض الموسيقى لتعديل المزاج الصباحي و بدأت حملة على دماغي لتذكر الحلم , فتحت حاسوبي و قرأت تهريسة كتبتها بالأمس كنت فيها جالساً مع سقراط , هي ناقصة , لماذا لم يجبرني سقراط على البوح باسمها فأجيبه ثم تقرأ هي ما كتبته حين أنشره فتعرف بأني حديثي كان دومي عنها … حسناً لماذا بدأت في الكتابة عنها في أي حال ؟! , نعم لقد تذكرت , كانت نصيحة من صديق عندما حدثته عنها , أخبرني بأن أستغل تهريس لأتحدث عنها لعلها تفهم الرسالة , رغم أني لم أعتقد بأن هذا سينفع لأن الناس عندما تقرأ تقوم باسقاط ما قرأته على مشاعرهم و لا يفكرون في مشاعر الذي كتب ….. مهلا , هي من حلمت بها بالأمس , اللعنة أتعبني التفكير بها صاحياً و لجأت للنوم هرباً , فلحقتني حتى في أحلامي , لماذا هذا العذاب؟!.
حككت رأسي قليلاً و بدأت في التفكير في ذاك الحلم , كنا نجلس معاً في مكان لا أعرفه , ربما يكون حديقة أو مقهى , ربما يكون سجن القلعة حيث يجتمع العشاق في أغنية إمام , هو مكان حتماً جهزه لي دماغي حتى تخلوا لنا الدنيا بعيداً عن كل المضايقات , كنا نتحدث و أتذكر بأني كنت منسجماً في الحديث , من المرات النادرة القليلة التي أنظر فيها لعيني شخص أثناء حديثي معه , و كيف أستطيع أن أتجاهل تلك العينين , ربي سبحانك فيما خلقت , سمعت دوما عن أنك جميلٌ تحب الجمال , و لكني لم أرى سوى اليوم هذا اليوم , نسيم خفيف يتلاعب بخصلات شعرها الأسود الممتد لتحت كتفيها , نظرات و ابتسمات , كلمات و ضحكات , لا شيء يعكر صفو هذا الجو , نعم تحدث قبلها مع كثيرات , لكن لم انسجم في الحديث قبلاً كما انسجمت في هذه المرة , في كلماتها و فكرها سر جذبني , ربما سحر ربطتني به , ما أجمله من سحر.
سكت قليلا و تركتها تتكلم , بدأت أنظر إلى أعماق عينيها , لعلهما يخبراني إذا ما كانتا تحبان شخصاً أخر , لعلهما تبوحان بما لم تبح به شفتاها , لكني لم أرى شيئاً , لم تبح عيناها بشيء , بل أخفت عني أشياء , آه لو أرى إشارة أو حتى نصف إشارة تخبرني فقط بمشاعرها , أه لو أن الأية مقلوبة , لو أن الإناث هن من يعترفن بمشاعرهن أولاً ثم يأتي دورنا , لربما خف عني كل هذا العذاب و الألم , الخوف من الرفض هو ما يرعبني , و الخوف من الإنشغال بالغير هو ما يقلقني , توتر العلاقات الذي سيأتي بعد مصارحتي هو ما أفكر فيه .. حسنا لن أنتظر , سأفجرها الأن و أنهي هذا العذاب الذي سيطول إذا ما سكتٌّ , وقفت أمامها و نظرت إلى عينيها و هي تتابعني في وقوفي و قلت لها بأني صبرت كثيراً ولكن لم يعد بإستطاعتي الصبر , و كيف لي أن أصبر و أنتي رفيقة أفكاري في الليل و النهارِ , إلتزمت الصمت طويل و لكن الصمت سيقتلني إذا لم أنطق , هي كانت تنظر بتعجب و استغراب لكن لم أهتم , لقد اتخذت قراري و سأقول ما أريد قوله , بحق من خلقك فأحسن خلقاً و زاد الحُسن حُسناً فهباك عينان ما رأيت لهما مثيلاً في كل الدنيا , بحق من أسدل شعرك إلى ظهرك و كساه بالسواد فبات كليلة كانت كلماتك نجوماً لها , و صرتِ أنتي الليل و القمر , سأقولها و لن أعود فيها , اني بك متيمٌ و لك عاشقٌ , أُحِبُّكِ , قلتها و قد كُسرت كافها فقوليها بالفتحة أو دعيني أرحل أجول في الشوارع كمجنون سُلب منه عقله , غير ان القلب هو ما سُلب مني .
كادت أن تنطق حينما أحسست بضوءٍ ساطع أمامي , أغلقت عيناي و فتحتهما لأجد بأن الشمس قد أطلت علي من الشباك .
Comments