على جبل الاوليبم كنت جالساً , أتجرع كوباً من القهوة المعدة من ألة عصرٍ إيطالية الصنع و حبات بُنٍ من اليمن السعيد , أسترق السمع لحوارات زيوس و رفقائه , و أختلس النظر بين الحينة و الاخرى لعلي أرى أفروديت الهة الحب و الجمال , سبب لعنتي و تعاستي , شكوتها مرة لزيوس فقالت بأنها فينوس ولا ذنب لها فيما حل بي , فينوس هي من جعلت أولئك الكيوبد يرمون سهامهم في تلك اللحظة فأصابني العشق و رميت بالأسهم , قال زيوس حينها بأن فينوس ليست من عنده , فينوس هي عند الروم و للروم ألهة وحدهم , و قالت أفروديت بأنها تتمنى لو كانت هي من فعلتها , قالت :” لقد شاهدتك تتظاهر بالقوة أمام الإناث , فتمنيت لو أني وهبت الجمال لكل فتاة ستراها في حياتك ثم جعلتك تقع معجباً بها , و لكن يبدو بأن أختي من الروم فعلتها قبلي”…. عجباً!! أي ذنب إقترفت أنا لتعاقبني ألهة الروم و اليونان و تتفق معا على الإطاحة بي و هم المختلفين . بينما كنت أتمشى بين حقول أفكاري وقف أمامي رجلٌ ذو شعرٍ أبيضٍ طويلٍ لكنه بدأ بالإنحسار عن رأسه في ظاهرة تعرف بالصلع , و لحية غزيرة بيضاء اللون هي الأخرى , كان يرتدى شيئاً أشبه بملابس الإحرام عندنا إلا أنها كانت تُظهر من جسده أكثر من ما تستر تنحنح و قال لي : ” عمت مساءً أيها الشاب , لا أقصد المقاطعة لكنك تجلس في مكاني “. اعتذرت منه عن جلوسي و تنحيت جانباً و طلبت منه لو أنه يسمح لي بأن أجلس هنا رفقته , فقال بأنه لا ينصحني بذلك فهم يتهمونه بإفساد الشباب و لهذا حضر إلى هنا, تعجبت و قلت له من هؤلاء الذين يقولون , و من أنت ؟ جلس و بدأ في الحديث فقال : ” قومي يتهمونني بذلك , لذلك قتلوني , أما من أنا فهذا سؤال له إجابات عديدة كلها فلسفية , سأختار أسهلها و أقول بأني سقراط , و أنت من تكون و مالذي ألقى بك هنا في بقعتي ” عجباً أنا في حضرة سقراط عظيم فلاسفة اليونان قلت له : ” مرحباً يا سيدي سررت بلقائك كثيراً , و لسؤالك أنت أيضاً إجاباتٌ عديدة سأختصرها و أقول بأن اسمي أحمد , أما ما رماني هنا , فهو العجز يا سيدي , أسئلة كثيرة دارت برأسي فخرجت إلى هنا أفكر ” – ” و فيما تفكر؟!” -” في كل شيء , في الدنيا و في الحياة , و فيها” -” فيها؟! , أوتدري لقد ظننت للحظة بأننا متشابهان , فكلانا نبذ قومه و اعتزل بنفسه , لكنك بددت كل شيء بقولك فيها” -” عذراً يا سيدي , إن كان هذا وجه الإختلاف في نظرك فنحن لسنا بمختلفين , أنت هجرت قومك و حاولت فهم الدنيا و الدنيا مؤنثة , و أنت إذا ما أحببت فإن الدنيا كلها ستكون في كيان أنثى , و فضلت الفلسفة على الحياة , و كلاهما كلمتان مؤنثتان , و في فهم الأنثى فلسفة وحدها , و الحياة لا تسوى شيئاً بعيداً عن أنثى تحبها , و قد أفنيت كل عمرك في البحث عن الحقيقة , و الحقيقة مؤنثة , و لن ترى الحقيقة إلا في عيني فتاة أحببتها في لحظة صفاء كنتما فيها لوحدكما “. -” ولماذا تفكر فيها بدلاً من الذهاب إليها و المصارحة بما في خاطرك “. -” لهذا كنا متشابهين , فأنت قد فضلت الموت على الحياة بلا فلسفة , فالحياة بلا فلسفة لك ستكون كالموت , و الموت في سبيل الفلسفة لك حياة , و أنا قد اخترت أن تكون مشاعري ميتة في الظاهر حية بداخلي , خير من أن أخرجها للحياة و أموت أنا , فضلت أن أكتم مشاعري على أن أعترف بها ثم أرى مشاعرها تخرج لشخصٍ أخر , سيكون هذا الشيء أمر مائة مرة من شرب السم كما فعلت أنت”. خرجت منه كلمة غاضبة قالها :” اللعنة , أردت أن أحظى بساعة صفاء فجئت أنت من حيث لا أدري و أفسدتها يا بني , هل أنت فيلسوف من زمنٍ ما ؟” أجبته و قلت :” كنت فيلسوفاً عاطلا عن العمل في زمني , و لهذا هجرته و جئت إلى هنا , و لكن وجودك هنا لن يعطيني فرصة” , قمت من مكاني و نفضت التراب عن ثيابي و قلت : ” أنا راحلٌ الأن سأقصد زمن أخر , ربما تكون فيه حبيبة لي , أو ربما تشغلني الحرب عن التفكير فيها “.
أنا و سقراط
ahmedobenomran
Comments