جلس في غرفته التي انسحب منها الضوء فبقيت مظلمة خالية من أي نور إلا من ذلك الضوء المُرسل من القمر ونيس كل من يعاني من وحدة الليل , جلس على الأرض مستندا إلى الجدار ناظرا إلى رفيقه الساكن بالسماء و أفكاره تجول في السماء باحثة عن إجابات لأسئلة كثيرة تسبح في رأسه.
أشعل سيجارته و مع أول نفس بدأ يفكر في ما قاله في تلك المسرحية هل حقاً نحن لسنا في حاجة إلى أقنعة لكي نعيش ؟ هل كل من ارتدى قناعاً يُخفي ورائه وجهه كاذب ؟ و هل كل من ارتدى عباءة يستر بها ما بجسمه من عيوب منافق ؟ جاء من داخله صوت يقول: ( بكل تأكيد فلما النفاق و الغش و الكذب ؟ لما نخفي حقيقتنا عن الآخرين ؟ لسنا في حاجة أن نكون غيرنا حتى نُعجب احدهم يجب أن نكون فقط على ما نحن عليه حقا ؟).
نظر إلى انعكاس صورته على زجاج النافذة و قال ( لا , نحن في حاجة إلى الأقنعة فليس كل من يرتدي قناعه هو كاذب ,و ليس كل من وضع عباءته فوقه منافق , ألم تعش سنيناً بدون قناعٍ أو عباءة ؟ و حتى عندما قررت أن تضعهما جعلت في ارتدائهما استثناءات ؟ ألم تثق في أشخاصٍ كثر و وقفت بجانبهم و ساندتهم ؟ أقارب و أصحاب و أصدقاء ؟ و مالنتيجة ؟خدعوك و مازالوا يخادعونك , أليس هم من زادوا فوق جراح الزمان جراحاً و ندوباً على جسدك عندما أزلت عباءتك ؟ الأقنعة ليس للكذب و النفاق , و لكنها تخفي عن الناس ذلك الوجه البشع الكامن خلفها).
فعاد الشخص الكامن بداخله للحديث وقال(لماذا نُخفي عنهم حقيقتنا ؟ لماذا..)
و دون أن يتركه يكمل كلامه قال (لأنها لن تعجبهم, كل هؤلاء يبحثون عن الكمال رغم أنهم لا يملكونه أساساً , لن تعجبهم العيوب الموجودة و ستزداد حيناً بعد كل ما اقتربنا منهم بدون أقنعة, لهذا نختفي ورائها , و كذلك الأمر للعباءات نضعها لنخفي جراحنا السابقة التي سترعبهم و حتى نحمي أجسادنا من جراحٍ أخرى , و إن لم نفعل هذا ولا ذاك سوف نُجن ,
يا صديقي أن تتحدث عن بشرٍ في مدينة فاضلة , عن بشرٍ غير هؤلاء , فالقريب هنا هو أبعد الناس عنك , و الصديق ليس فيه من الصدق شيء , و الصاحبُ ساحبٌ .
قد أبعدت قناعي زمناً كما قلت لي و لكنك ترى ما فعله ذلك ها أنا أجلس وحيداً أخاطبك, و ازدادت جراحي حتى أن نفسي لم تعد تقوى على احتمال شيء أخر , و الأن لن أجد خير من قناعي رفيقاً و لكن الخوف كل الخوف من أن يصبح القناع هو من يضعني ولست أنا من يضعه؟).
أقنعة (2)
ahmedobenomran
Comentários